يُعد البشت، أو المشلح كما يُعرف في بعض مناطق الجزيرة العربية، من أبرز الرموز الثقافية والاجتماعية في العالم العربي، لا سيما في منطقة الخليج. وقد تجاوز دوره كلباس تقليدي ليصبح رمزًا للهيبة والوقار والمكانة الاجتماعية. هذا المقال يتناول تاريخ البشت، نشأته، تطوره، أنواعه، رمزيته الاجتماعية، وبروتوكولاته الرسمية، مع توثيق علمي ومقارنات دقيقة.
يرجع تاريخ البشت إلى العصور الجاهلية وما قبلها، حيث كان يُستخدم كغطاء واقٍ من حر الصحراء وبردها. وتذكر بعض الوثائق التاريخية، مثل كتابات المؤرخ الإغريقي هيرودوت (القرن الخامس قبل الميلاد)، إشارات إلى لباس يشبه العباءة كان يرتديه الجنود العرب، يُعتقد أنه شكل أولي للبشت الحالي.
كان البشت رمزًا للهيبة والعلم، وارتبط بعلماء الدين والقضاة والوجهاء. وتشير الروايات إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ارتدى العباءة في مناسبات متعددة، مما أضفى عليها طابعًا دينيًا وهيبة معنوية.
استمر البشت في التطور، فأصبح يُلبس في المناسبات الرسمية كحفلات الزفاف، والمراسم الوطنية، والاجتماعات الحكومية. كما احتفظ بدوره كرمز للتكريم والتشريف، إذ يُهدى أحيانًا إلى القادة أو الشخصيات البارزة.
يربط بعض الباحثين الكلمة باللغة الأكادية من مصطلح "بشتو" والتي تعني "النبل أو الكرامة".
كما توجد إشارات إلى أصل عربي من الكلمة "بتّ"، وتعني الكساء المصنوع من الصوف أو الوبر.
توجد فرضية تشير إلى أنها قد تكون تطورًا صوتيًا أو دلاليًا لكلمات قديمة استخدمت للدلالة على اللباس الخارجي دون اتفاق قاطع على مصدرها الأصلي.
يتبع ارتداء البشت بروتوكولًا خاصًا في الديوان الملكي السعودي، حيث يتم تحديد لون البشت بحسب يوم الأسبوع.
السبت: أشقر (بني فاتح)
الأحد: ليموني
الاثنين: عودي
الثلاثاء: أسود
الأربعاء: زعفراني
الخميس: بيج
الجمعة: أبيض سكري
يُصنع من الفضة المطلية بالذهب، ويستغرق صنعه من 15 إلى 25 يومًا. يتميز بفخامته ودقته العالية.
أشهر أنواعه:
يصنع باستخدام آلات رقمية، ويُعد أكثر انتشارًا بسبب انخفاض تكلفته وسرعة إنتاجه.
من أنواعه:
يصنع البشت من خامات متعددة تختلف حسب الموسم والغرض:
أقدم العباءات المعروفة عند العرب كانت "العباءة البرقاء"، المصنوعة من صوف مخطط بالأبيض والأسود.
كان يُلبس فوق الملابس من قِبل الرجال في الحضر والبادية، لحمايتهم من عوامل الطقس.
كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يرتدونه، وأصبح رمزًا للعلماء والقضاة وأهل الفضل.
يُعتبر البشت اليوم جزءًا أساسيًا من اللباس الرسمي في دول الخليج، ويُرتدى في المناسبات المهمة.
البشت ليس مجرد لباس تقليدي، بل هو جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية العربية، يعكس التراث والتقاليد، ويحمل دلالات اجتماعية وتاريخية عميقة. تتجلى فيه مظاهر الفخامة، والرمزية، والحرفية، ويظل حاضرًا بقوة في حياة العرب المعاصرة، جامعًا بين الأصالة والحداثة.